الاثنين 25 محرّم 1447 - 21 يوليو 2025
العربية

هل يجوز الاتفاق مع المشتري على توصيل السلعة بمبلغ معين ثم يستأجر من يوصلها بأقل؟

580394

تاريخ النشر : 21-07-2025

المشاهدات : 2

السؤال

بعت لشخص قطعة بسعر معين، ثم اتفقت مع الشخص الذي بعت له القطعة على أن يكون سعر التوصيل للقطعة بحدود 200 ريال، ومن ثم بحثت عن موصلين حتى وجدت أقل من السعر الذي اتفقت معه.
فهل حلال على أخذ الفرق أم لا مقابل تعبي في البحث واتصالاتي، واعتبرتها مقاولة بسعر معين، وبحثت حتى وجدت سعرا أقل؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا حرج في الاتفاق مع شخص أنك توصل له سلعة بملغ معين، ثم تبحث عمن يوصله بأقل، وتربح الفرق، ويدخل هذا فيما يسمى الإجارة من الباطن.

فالعقد الذي بينك وبينه هو إجارة على التوصيل، ثم تستأجر من الباطن من يقوم بذلك بأجرة أقل.

قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (3/ 566): " (وإذا تقبّل) الأجير (عملا في ذمته بأجرة، كخياطة أو غيرها، فلا بأس أن يقبّله غيره بأقل منها) أي أجرته ... ؛ لأنه إذا جاز أن يقبّله بمثل الأجر الأول، أو أكثر، جاز بدونه كالبيع، وكإجارة العين " انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لو أن الإنسان استؤجر على عمل في الذمة، بأن قيل له: نريد أن تنظف هذا البيت كل يوم ولك في الشهر مائة ريال، فاستأجر من ينظف البيت كل يوم على حسب ما حصل عليه العقد، لكن بخمسين ريالا، يجوز؛ لأن هذا من جنس ما إذا قلنا: إنه يجوز أن يؤجر بقية مدته بأكثر من الأجرة.

وعلى هذا عمل الناس اليوم، تجد الدولة مثلا ـتتفق مع شركة على تنظيف المساجد، كل مسجد الشهر بكذا وكذا، ثم إن هذه الشركة تأتي بعمال يقومون بما تم عليه العقد بأقل من ربع ما اتفقت الشركة مع الحكومة عليه.

إلا إذا كان الغرض يختلف بالنسبة للمستأجر، فإذا كان يختلف فهذا لا يجوز، مثل: إنسان استأجرته لينسخ لك "زاد المستقنع" [كتاب في الفقه الحنبلي]، وتعرف أن الرجل خطه جيد، وأن خطأه قليل، فاستأجر إنسانا خطه جميل يخطه بأقل مما أجرته به. يقول العلماء: إنه لا يجوز؛ لأن العبرة بالنسخ وليس بجمال الخط فحسب، ولكن بجمال الخط ووضع الفواصل والعلامات والإملاء، كم من إنسان خطه من أجمل الخطوط لكن في الإملاء يكتب (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) [الفاتحة: 7] بالظاء المشالة في الموضعين، فهذا خطأ في الإملاء، وكثير من الطلاب خطوطهم جميلة لكن في الإملاء ليس عندهم قاعدة، وكثير من الناس خطه رديء ولا يعرف قراءته إلا من تمرن عليه ولكنه في الإملاء جيد.

المهم على كل حال: ما يختلف فيه الغرض لا يجوز لأحد أن يقيم مقامه غيره " انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 39).

ثانيا:

لا حرج في اقتران البيع بالإجارة، فتبيع السلعة بكذا، وتوصلها بكذا، فهما عقدان بعوضين مستقلين.

ويجوز الجمع بينهما بعقد واحد بعوض واحد، على الراجح، كأن تبيع السلعة بألف، مع شمول ذلك لتوصيلها للزبون.

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/ 388): "إذا جمع في العقد مبيعين مختلفي الحكم، كثوبين شرط الخيار في أحدهما دون الآخر، أو بين بيع وإجارة، أو بيع وسلم، أو إجارة وسلم، أو صرف، أو غيره، فقولان مشهوران، أصحهما صحة العقد فيهما" انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله: " وإذا جمع بين عقدين مختلفي القيمة بعوض واحد، كالصرف وبيع ما يجوز التفرق فيه قبل القبض، والبيع والنكاح، أو الإجارة، نحو أن يقول بعتك: هذا الدينار وهذا الثوب بعشرين درهما، أو بعتك هذه الدار وأجرتك الأخرى بألف، أو باعه سيفا محلى بالذهب بفضة، أو زوجتك ابنتي وبعتك عبدها بألف: صح العقد فيهما؛ لأنهما عينان يجوز أخذ العوض عن كل واحدة منهما منفردة، فجاز أخذ العوض عنهما مجتمعتين، كالعبدين، وهذا أحد قولي الشافعي" انتهى من "المغني" (4/ 177).

وينظر: "المعاملات المعاصرة"، للشيخ أبي عمر الدبيان (5/ 373).

ثالثا:

إذا وكلك الشخص في التعامل مع شركة الشحن، أو في البحث عمن يوصل سلعته إليه: لم يحل لك التربح من ذلك؛ لأن الوكيل مؤتمن، ولا يربح إلا بعلم موكله، وكذا لو أفهمتَه أنك لا تربح من التوصيل، وإنما هذا هو تكلفة التوصيل، لم يحل لك أخذ الفرق؛ لأنه مال أخذ بالكذب والخداع، فلا يحل.

فشرط إباحة التربح وأخذ الفرق: أن يتم الاتفاق على أنك توصل السلعة إليه بكذا، فتكون هذه إجارة أو جعالة، ولا تكون وكيلا مؤتمنا.

والله أعلم.
 

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب