الأحد 24 محرّم 1447 - 20 يوليو 2025
العربية

ما ضابط الاستحاضة، ومتى يحكم بزوالها؟

565202

تاريخ النشر : 11-05-2025

المشاهدات : 233

السؤال

أريد أن أسأل عن مسألة دقيقة قرأتها في أحد المواقع العلمية، وأشكلت علي، وهي أن المستحاضة لا تطهر من استحاضتها، ولا يزول عنها وصف الاستحاضة حتى تطهر نصف شهر تام، وهو على مذهبهم أقل طهر جائز بين حيضتين، فإذا استخدمنا نفس القاعدة فهل يكفي عشرة أيام مثلا حتى يزول عن المستحاضة هذا الوصف على قول من يقول: إنه لا حد لأقل الطهر؟ أرجو أن يكون الجواب واضحا مختصرا، مشكورين، مأجورين.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الاستحاضة: الدم الذي لا يصلح أن يكون حيضا، كالدم الذي ينزل على من دون تسع سنين ، أو يجاوز أكثر مدة الحيض، وهي خمسة عشر يوما، أو ينقص عن أقل الحيض، وهو يوم وليلة، عند الجمهور.

وفي "الموسوعة الفقهية" (3/ 197): " الاستحاضة لغة: مصدر استحيضت المرأة فهي مستحاضة. والمستحاضة من يسيل دمها ولا يرقأ، في غير أيام معلومة، لا من عرق الحيض، بل من عرق يقال له: العاذل.

وعرف الحنفية الاستحاضة بأنها: دم عرق انفجر ليس من الرحم.

وعرفها الشافعية بأنها: دم علة يسيل من عرق من أدنى الرحم، يقال له العاذل، قال الرملي: الاستحاضة دم تراه المرأة، غير دم الحيض والنفاس، سواء اتصل بهما أم لا.

وجعل من أمثلتها الدم الذي تراه الصغيرة" انتهى.

وقال الشيخ عبد الله بن عقيل رحمه الله: " المستحاضة هي التي ترى دمًا لا يصلح أن يكون حيضًا ولا نفاسًا، مثل من تجاوَز دمُها أكثر الحيض، وما نقص عن يوم و ليلة، وما تراه قبل تمام تسع سنين، وما تراه الحامل وقت حملها، بخلاف الذي يأتيها قبل الولادة بيومين، أو ثلاثة، بأمارة طلق ونحوه؛ فإنه يعتبر من النّفاس، ولا تنقص به عدته.

فهذه الأشياء وما في معناها هي الاستحاضة.

والدم الفاسد أعم من ذلك" انتهى من "فتاوى الشيخ" (1/ 88).

ومن لا يرى حدا لأكثر الحيض، كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ومن وافقه، فإن الاستحاضة عندهم أن يطبق الدم الشهر كله، أو الشهر إلا يسيرا.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والمستحاضة هي التي أطبق عليها الدم، أو كان لا ينقطع عنها إلا يسيراً" انتهى من "الشرح الممتع" (13/ 365).

وقال رحمه الله: "الاستحاضة: استمرار الدم على المرأة، بحيث لا ينقطع عنها أبدا، أو ينقطع عنها مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر.

فدليل الحالة الأولى التي لا ينقطع الدم فيها أبدا: ما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ( قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَطْهُرُ . وفي رواية: إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ ).

ودليل الحالة الثانية، التي لا ينقطع الدم فيها إلا يسيرا: حديث حمنة بنت جحش حيث جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ( يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً ) . الحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ونقل عن الإمام أحمد تصحيحه وعن البخاري تحسينه" انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" .(11/321)

ثانيا:

إذا ثبتت الاستحاضة، فإنها في الشهر التالي تجلس عادتها، إن كان لها عادة، ثم تغتسل وتصلي، ولها حكم الطاهرات.

فإن لم يكن لها عادة، عملت بالتمييز؛ فما كان بصفة دم الحيض المعروفة، من حيث القوام، واللون، والرائحة: فهو حيض. وما كان بغير ذلك، فهو استحاضة.

فإن لم يكن لها تمييز: جلست غالب الحيض، ثم اغتسلت وصلت.

وقد سبق بيان هذا مفصلا في جواب السؤال رقم: (68818).

ثالثا:

يحكم بزوال الاستحاضة إذا لم يجاوز دمها خمسة عشر يوما، على مذهب الجمهور، فلو طهرت قبل اليوم الخامس عشر، أو في اليوم الخامس عشر، علمنا أنها ليست مستحاضة.

ويحكم بزوال الاستحاضة عند شيخ الإسلام ومن وافقه، إذا طهرت قبل أن يطبق عليها الدم الشهر كله، أو الشهر إلا يسيرا، فلو طهرت بعد عشرين يوما مثلا، فليست مستحاضة، وتكون عادتها عشرين يوما.

رابعا:

لم يظهر لنا مراد السائلة وكان عليها أن تذكر لنا ما أشكل عليها حتى ينظر فيه.

ولعلها تريد مسألة غير مسألة: متى يحكم بزوال الاستحاضة.

وقد اختلف الفقهاء في تقدير طهر الاستحاضة، أي ما الذي يعتبر في حقها من الأيام طهرا؟

قال الشيخ أبو عمر الدبيان في "موسوعة أحكام الطهارة" (8/ 67):

" فالحنفية عشرة أيام حيض، وعشرون يوماً طهراً.

وقيل: يقدر حيضها بست أو سبع، فالباقي من الشهر طهر. ويكون دورها أبداً ثلاثين يوماً، وهو قول في مذهب الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة.

وقيل: يقدر حيضها يوما وليلةً ففي طهرها ثلاثة أوجه: أصحها: أنه تسعة وعشرون يوماً.

والثاني: يقدر بأقل الطهر، فعلى هذا دورها ستة عشر يوماً.

والثالث: ترد إلى غالب الطهر، ثلاثة وعشرون يوماً أو أربعة وعشرون يوماً، وهو قول في مذهب الشافعية.

أما المالكية: فلم يقدروا الطهر بالشهر، بل اعتبروا أن ترى دماً قد أقبل غير الدم الذي كان بها، فإذا لم يأتها دم غير الدم الذي كان بها، فإنها تعتبر مستحاضة أبداً: أي في حكم الطاهرة؛ يطؤها زوجها، وتصوم وتصلي، ولو مكثت طول عمرها.

فصارت الأقوال ترجع إلى ثلاثة أقوال: الأول: في كل شهر مرة، سواء اعتبرنا أكثر الحيض كما عند الحنفية، أو أقله، وهو أصح الوجهين عند الشافعية، أو أغلبه كما عند الحنابلة، ووجه عند الشافعية.

وقيل: دورتها ستة عشر يوماً. يوم وليلة حيض، وخمسة عشر يوماً استحاضة. وهو رواية عند الشافعية.

وقيل: الأمر يقدر بأن يقبل دم جديد غير الدم الذي كان عليها، ولا يقدرون بالشهر. وهو مذهب المالكية" انتهى.

ويرجع إلى أدلة هذه الأقوال في الموسوعة المذكورة وهي منشورة على المكتبة الشاملة.

ولا علاقة لهذا بمسألة: متى تزول الاستحاضة.

والله أعلم.

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة