الحمد لله.
أولا:
حيوان الطبسون، هو الوبر الصخري، وهو حيوان كالأرنب، يأكل النبات، وهو مباح الأكل، وفيه غدد يستخرج منه مادة عطرية.
قال الدميري رحمه الله في "حياة الحيوان الكبرى" (2/ 534): " قال ابن الأثير، في النهاية: والوبر دويبة على قدر السنور، وجمعها وبر وبار...
وحكمه: حل الأكل؛ لأنه يفدى في الإحرام والحرم، وهو كالأرنب يعتلف النبات والبقول.
وقال مالك: لا بأس بأكله، وبه قال عطاء ومجاهد وطاووس وعمرو بن دينار، وابن المنذر وأبو يوسف.
وكرهه الحكم وابن سيرين وحماد وأبو حنيفة والقاضي من الحنابلة، وقال ابن عبد البر: لا أحفظ في الوبر شيئا عن أبي حنيفة، وهو عندي مثل الأرنب لا بأس بأكله؛ لأنه يقتات البقول والنبات، والله أعلم" انتهى مختصرا.
وفي الموسوعة العربية العالمية: " الوبر حيوان في حجم الأرنب يشبه خنزير غينيا، ويتغذى بالنباتات. وهناك ثلاثة أنواع من الوبر وهي وبر الصخور، ووبر الأدغال، ووبر الشجر. وجميع هذه الأنواع لها غدد مفرزة للرائحة وسط ظهرها، قد يستخدمها الحيوان لتعليم منطقته" انتهى.
ثانيا:
القندس: قال الدميري رحمه الله: " قال ابن دحية: إنه كلب الماء".
وقال: " كلب الماء: تقدم في القاف أنه القندس. وقال في عجائب المخلوقات: كلب الماء معروف، وهو حيوان مشهور يداه أطول من رجليه...
الحكم: سئل الليث بن سعد عن أكل لحم كلب الماء؟ فقال: لا بأس به، وقد تقدم في عموم السمك، أنها تحل إلا أربعة ليس هذا منها.
وقيل: لا يؤكل لأن شبهه في البر لا يؤكل" انتهى من "حياة الحيوان" (2/ 360، 423).
وهو مباح الأكل في مذهب الإمام أحمد، ولابد من تزكيته؛ لأنه يعيش في البر والبحر، كالسلحفاة. "قال أحمد: كلب الماء نذبحه، ولا أرى بالسلحفاة بأسا إذا ذبح" انتهى من "كشاف القناع" (6/ 204).
ثالثا:
العطور تستعمل فيها مواد مثبتة، منها الكاستر الذي يؤخذ من القندس.
ورد في الموسوعة العربية العالمية: " تعمل الخامات الحيوانية على إبطاء زوال الزيت الأساسي وتبخّرِه، وعلى ذلك تجعل شذاها يدوم وقتًا أطول. ومن أجل هذه الخاصية غالبًا ما يُطلق عليها اسم المواد المثبِّتة. وتشمل قائمة المقومات العطرية التي تُؤخذ من الحيوانات:
الكاستُر، وهي مادة زيتية يفرزها القندس.
ومسك الزباد، وهي مادة دُهنية تُؤخذ من قط الزباد.
والمسك المعروف الذي يؤخذ من الأيائل. والعنبر وهو مادة شمعية مصدرها حوت العنبر".
رابعا:
ما يؤخذ من غدد الوبر والقندس، طاهر؛ لأنه استحال في أصله إلى مادة طيبة، ولأنه من حيوان طاهر.
وينظر: جواب السؤال رقم: (209217).
وإذا ثبت أن الزيت يوضع فيه ذيول القنادس الميتة، فإنه يكون نجسا، لكن إن عولج فاستحال إلى عطر، صار طاهراً؛ بناء على القول بأن الاستحالة مطهرة، وهو قول جمهور الحنفية، والمالكية، وجماعة من أهل العلم كابن تيمية وابن القيم.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (10/ 278).
ومن قرارات " المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية " - وقد بحثت موضوع " المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء " بمشاركة الأزهر ، ومجمع الفقه الإسلامي بجدة، والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالإسكندرية، ووزارة الصحة بدولة الكويت، وذلك في الفترة من 22 - 24 من شهر ذي الحجة 1415 هـ الموافق 22 - 24 من شهر مايو 1995 - :
"الاستحالة التي تعني انقلاب العين إلى عين أخرى تغايرها في صفاتها، تحوِّل المواد النجسة أو المتنجسة إلى مواد طاهرة، وتحوِّل المواد المحرمة إلى مواد مباحة شرعاً.
وبناءً على ذلك:
- الجيلاتين المتكون من استحالة عظم الحيوان النجس وجلده وأوتاره: طاهر وأكله حلال.
-الصابون الذي يُنتج من استحالة شحم الخنزير أو الميتة: يصير طاهراً بتلك الاستحالة، ويجوز استعماله.
- الجبن المنعقد بفعل إنفحة ميتة الحيوان المأكول اللحم طاهر ويجوز تناوله.
- المراهم والكريمات ومواد التجميل التي يدخل في تركيبها شحم الخنزير: لا يجوز استعمالها إلا إذا تحققت فيها استحالة الشحم وانقلاب عينه. أما إذا لم يتحقق ذلك فهي نجسة. انتهى.
والحاصل: أن العطر المضاف له ما أخذ من غدد الطبسون (الوبر) والقندس، طاهر، وكذا ما أضيف له من ذيل القنادس، إذا استحال وتغيرت مادته وصفته.
والله أعلم.