كنت بالخارج في أحد أيام رمضان، وشعرت بأن الحيض قد جاءني، و لكن لم أتحقق، وأثناء عودتي إلى المنزل بدأت أفكر بماذا أفطر عند وصولي إلى البيت، وعندما وصلت تحققت أولاً فوجدت أنني مازلت طاهرة، ولم يأتني الحيض بعد، فأكملت صيامي، فهل بطل صيامي بتفكيري في الإفطار؟ وهل قُطعت نيتي بذلك؟
الحمد لله.
لقد دخلتِ الصيام بنية صحيحة جازمة، ولم يحصل منك جزم بقطع الصيام، وإنما كان تردداً وتعليقاً على أن تأكلي وتشربي عند التأكد من حصول الحيض، فلما لم يكن وأتممتِ صومك، فصيامك صحيح ولا شيء عليك.
قال النووي رحمه الله:
"ولو تردد الصائم في الخروج من صومه، أو علقة على دخول شخص ونحوه، لم يبطل على المذهب الذي قطع به الجماهير" انتهى من "روضة الطالبين" (1/ 225).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
"إذا علَّق العبادة على شرطٍ: إن حصل كذا قطعتُها، الأقرب في هذا مثل التردد لا تبطل، لو نوى أنه إن حدث له حادثٌ أنه يقطعها، أو حدث تردد في بولٍ أو غائطٍ، أو قام طفله يقطعها لأجل حفظه؛ ما تبطل" انتهى
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"إنسان صائم وعزم على أنه إن وجد ماء شربه فهل يفسد صومه؟
الجواب: لا يفسد صومه؛ لأن المحظور في العبادة لا تفسد العبادة به، إلا بفعله ولا تفسد بنية فعله.
وهذه قاعدة مفيدة، وهي أن من نوى الخروج من العبادة فسدت -إلا في الحج والعمرة-، ومن نوى فعل محظور في العبادة لم تفسد إلا بفعله.
ولهذا أمثلة منها ما ذكرناه هنا في مسألة الصوم.
ومنها: ما لو كان متحريا لكلام من الهاتف، فدخل في الصلاة ومن نيته أنه إن كلمه من يتحراه، أجابه، فلم يكلمه: فصلاته لا تفسد" انتهى من "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (6/ 364).
وقال رحمه الله:
"وأما إذا لم يعزم، ولكن تردد، فموضع خلاف بين العلماء:
منهم من قال: إن صومه يبطل؛ لأن التردد ينافي العزم.
ومنهم من قال: إنه لا يبطل؛ لأن الأصل بقاء النية حتى يعزم على قطعها وإزالتها. وهذا هو الراجح عندي لقوته" انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/ 188).
والحاصل: أن صيامك صحيح، وليس عليك شيء في تعليق النية، ولا بنية أن تأكلي إن ظهر أنك حائض.
والله أعلم.