دخلت مشروع شراكه في زراعة أرض زراعية، واستأجرنا أرضا، وزرعنا بها فاصوليا، وتم بيع الفاصوليا لسداد باقي ثمن الأرض، فهل هذا المحصول عليه زكاة، مع العلم الأرض تسقى بمواتير كهرباء؟
إذا كان المزروع حبا أو ثمرا يكال، وبلغ النصاب: لزمكم إخراج الزكاة منه قبل بيعه، وقبل سداد أجرة الأرض أو غيرها من التكاليف ولو كانت دينا.
الحمد لله.
أولا:
تجب الزكاة في الخارج من الأرض، في كل حب أو ثمر يكال ويدخر، كالقمح والزبيب، ولا يشترط أن يكون قوتا، فتجب في الأبازير، كالكمون واليانسون والكُزبرة، ونحوها.
وهذا مذهب الحنابلة، وهو قول وسط بين من يوجبها في كل خارج حتى في الخضروات، كما هو مذهب الحنفية، وبين من يقصر الوجوب على القوت.
قال في "كشاف القناع" (2/ 203): " (تجب الزكاة في كل مكيل مدخر) لقوله - صلى الله عليه وسلم - ليس فيما دون خمسة أوسُق صدقة؛ فدل على أن ما لا يدخله التوسيق ليس مرادا من عموم الآية والخبر، وإلا لكان ذكر الأوسُق لغوًا. ولأن غير المدخر لا تكمل فيه النعمة، لعدم النفع به مآلًا، (من قوت)، كالحنطة والشعير والأرز والدُّخن (وغيره) أي غير القوت، مما يأتي بيانه.
(فتجب) الزكاة (في كل الحبوب: كالحنطة والشعير والسُّلت) ... (والعدس والماش والتُّرمس) ... وأبازير القِدْر، كالكزبرة والكمون والكرويا والشونيز) يقال له: الحبة السوداء" انتهى.
وعموم الأحاديث يدل على وجوبها في القوت وغيره، ما دام مكيلا.
وينظر جواب السؤال: (99843)، (99164).
ثانيا:
لا تجب الزكاة إلا إذا بلغ الخارج نصابا، وهو خمسة أوسق، وتعادل 612 كيلو.
ويشترط عند الجمهور أن يبلغ نصيبُ كل شريك منكم النصاب؛ لأن الخلطة لا تؤثر إلا في بهيمة الأنعام.
وينظر: "المغني" (2/ 254)، "المجموع" (5/ 429)، "الموسوعة الفقهية" (19/ 228).
وذهب الشافعية إلا أنه يعامل الخليط من زرع وغيره، معاملة المال الواحد، دون نظر لنصيب كل شريك فيه، فالخلطة مؤثرة في جميع الأموال.
وبقول الشافعية، أخذ مجمع الفقه الإسلامي، ورجحه الشيخ ابن عثيمين، كما بيناه في جواب السؤال رقم (147855)
ثالثا:
إذا كان الزرع يُسقى بكلفة، كأن يسقى بمواتير الكهرباء، فالواجب فيه نصف العشر.
وإذا كان يسقى بالمطر والعيون، ففيه العشر؛ لما روى البخاري (1483) عن عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (3/ 349): " قوله: (عَثَريا) قال الخطابي: هو الذي يشرب بعروقه من غير سقي.
قوله: (بالنضح)، أي: بالسانية، وهي رواية مسلم. والمراد بها الإبل التي يُستقى عليها، وذكر الإبل كالمثال، وإلا فالبقر وغيرها كذلك في الحكم" انتهى.
ومثل الساقية: ما يُسقى بماتور الكهرباء، ففيه نصف العشر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/77): " والحكمة من ذلك: كثرة الإنفاق في الذي يسقى بمؤونة، وقلة الإنفاق في الذي يسقى بلا مؤونة، فراعى الشارع هذه المؤونة والنفقة، وخفف على ما يسقى بمؤونة " انتهى .
رابعا:
لا تخصم أجرة الأرض، ولا تكاليف الزرع من الزكاة، بل يجب عليكم إخراج نصف العشر من المحصول قبل بيعه.
ولا فرق بين أن تكون الأجرة والتكاليف دينا أو غيره.
قال الرافعي رحمه الله في "فتح العزيز" (5/566): " لا فرق بين ما تنبته الأرض المملوكة، وما تنبته الأرضُ المكتراة [أي المستأجرة]، في وجوب العشر، [أو نصف العشر]. ويجتمع علي المكتري: العشرُ، والأُجرة، كما لو اكترى حانوتا للتجارة، يجب عليه الأجرة وزكاة التجارة، جميعا" انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: " على زارع أرضٍ فيها خراج وأجرة: الزكاةُ، ولا يسقطها وجوبهما؛ لاختلاف الجهة... ولا يؤديهما من حبها إلا بعد إخراج زكاة الكل " انتهى من "تحفة المحتاج" (3/ 242).
والحاصل:
أنه إذا كان المزروع حبا، أو ثمرا يكال، وبلغ النصاب: لزمكم إخراج نصف العشر منه، قبل بيعه، وقبل سداد أجرة الأرض أو غيرها من التكاليف ولو كانت دينا.
والله أعلم.