هل التسبيح أو ذكر الله عند حصول شيء مضحك يعد من الاستهزاء؟

الحمد لله.

الاستهزاء الذي يخرج الإنسان من ملة الإسلام، هو الذي يكون فيه تحقير أو تنقيص أو سخرية من شعائر الإسلام، أو من آية من آيات الله، وسواء في ذلك أن يكون جادًّا أو مازحًا ولاعبًا وهازلًا.

والكلمتان المذكورتان في السؤال، وهما (ما شاء الله) و(سبحان الله)؛ هما مما شرعه الله من العبادات القولية، فأما (ما شاء الله) فتقال إذا أعجبك شيء وخشيت من العين، أو خشيت أن يقع في نفسك عجب أو كبر بشيء من رزق الله، وأما التسبيح (سبحان الله) فعظيم الشأن في الدين، وهو أحد أصول ذكر الله تعالى، التي كثر الأمر بها وتعظيم الرغبة فيها، بتعظيم فضلها وأجرها.

وراجع للفائدة إجابة رقم: (409933)، و(300983)، و(547136).

والظاهر من السؤال أن استعمال هاتين الكلمتين فيما ذُكِر: ليس على سبيل الاستهزاء بهما، ولا التحقير منهما، ولا على سبيل السخرية من فضلهما مثلا أو نحو ذلك، وإنما اقتصر الأمر على أن يتكلم الإنسان فيقول (سبحان الله) إذا رأى شيئًا غريبًا حتى يُضحِك غيره، أو يقول (ما شاء الله) أثناء ضحكِه من شيءٍ آخرَ رآه أو سمعه، وليس هذا من الاستهزاء بالكلمتين ولا الضحك منهما ولا السخرية.

وهاتان الكلمتان من الكلمات التي درجت على ألسنة المسلمين، حتى إن أكثر الناس يقولها في غير مناسبتها، بلا قصد التعبد بها، ولا استحضار معناها، ومثل هذا لا حرج فيه. 

وفي فتاوي اللجنة الدائمة سؤال عن استعمال بعض آيات القرآن في المزاح ما بين الأصدقاء، مثال: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ، سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ، هل يجوز استعمال هذه الآيات في المزاح ما بين الأصدقاء؟

فأجابوا: "لا يجوز استعمال آيات القرآن في المزاح على أنها آيات من القرآن.

أما إذا كانت هناك كلمات دارجة على اللسان، لا يقصد بها حكاية آية من القرآن أو جملة منه: فيجوز"، انتهى من (4/ 82). ووقَّع على الفتيا الشيخان: عبد الرزاق عفيفي، وعبد العزيز بن باز، رحمهما الله.

هذا مع الفارق الكبير بين القرآن وغيره في التعظيم والتوقير، فما يثبت للقرآن من وجوب التعظيم والصيانة، والحذر عند التكلم به، أوجب وأظهر من الكلمتين المسئول عنهما.

فمَن سبق إلى لسانه قول (سبحان الله) أو (ما شاء الله)، أو غيرهما مما درج على ألسنة المسلمين، أثناء ضحكه، أو ليُضحِك غيرَه، فلا شيء عليه؛ ما دام أنه لم يقصد الاستهزاء بنفس الكلمات الشرعية، أو السخرية أو التحقير منها.

وللفائدة حول المزاح وضوابطه تراجع إجابات السؤالين: (22170)، و(217461).

والله أعلم.