ما حكم قول سبحان الله عند رؤية المنكر؟
الحمد لله.
يشرع للإنسان أن يكبر وأن يسبح: إذا رأى، أو سمع، منكرا، كما قال تعالى: وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ النور/16.
وروى الترمذي (2180) عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ، يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ، كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللَّهِ؛ هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ؛ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.
ورواه أحمد (21900) بلفظ: اللهُ أَكْبَرُ، هَذَا كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً [الأعراف: 138]؛ إِنَّكُمْ تَرْكَبُونَ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، وصححه شعيب الأرنؤوط.
قال في "تحفة الأحوذي شرح الترمذي" (6/ 339): "(سبحان الله) تنزيها وتعجبا" انتهى.
وروى أبو داود (4726) عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: " أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جُهِدَتِ الْأَنْفُسُ، وَضَاعَتِ الْعِيَالُ، وَنُهِكَتِ الْأَمْوَالُ، وَهَلَكَتْ الْأَنْعَامُ، فَاسْتَسْقِ اللَّهَ لَنَا فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟ وَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ... الحديث، وضعفه الألباني.
قال القاضي عياض رحمه الله: "وفيه جواز التسبيح عند إنكار الشىء واستعظامه، والتعجب منه، قال الله تعالى: سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ وكذلك للتنبيه على الشىء، والتذكر له" انتهى من "إكمال المعلم" (2/ 173).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُكبِّر إذا رأى ما يُعجبه، ويُكبر إذا انتُهِكَتْ محارم الله عليه الصلاة والسلام، ويقول: سبحان الله!، ويقول: الله أكبر، ولما قال له بعضُ الصحابة: اجعل لنا ذات أنواطٍ كما لهم ذات أنواط، قال: الله أكبر، إنها السنن، ولما قال له بعضُ الناس: نستشفع بالله عليك، وبك على الله، قال: سبحان الله! سبحان الله!" انتهى.
فهذا التسبيح: لتعظيم الله، وتنزيهه عن أن يرضى بهذا المنكر، أو يسمح به.
والله أعلم.