هل يكون الشيطان أكثر تأثيرا على الشباب؟

30-05-2025

السؤال 544499

هل ورد حديث فيما معناه أن الشيطان يكون تأثيره على الشباب أكثر من تأثيره على كبار السن؟

الجواب

الحمد لله.

لا نعلم حديثا ورد بهذا المعنى.

لكن هذا المعنى في ذاته، معنى له وجه من الصحة؛ لأن مداخل الشيطان الخطيرة، هي في الشباب أقوى؛ كمدخل الشهوة والميل إلى الفواحش، وهي أعظم الفتن على الإنسان.

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ ) رواه البخاري (5096)، ومسلم (2740).

فهذه الفتنة في الشباب أقوى لغلبة الشهوة وعدم كمال العقل، ووفرة القوة وشباب الجسم والهيئة، ولذا لما جاء الحديث بالحث على النكاح كان الخطاب للشباب.

عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري (5066)، ومسلم (1400).

ومثل هذا مدخل الغضب فهو في الشباب أخطر؛ لأن الشباب مظنة الحدة والعجلة، كما أن سن الشباب مظنة للتسويف وطول الأمل الذي يسهل للشيطان وسوسته، بخلاف الكهل والشيخ فالعقل فيهم أكمل والداعي إلى التوبة أقوى.

ولهذا المعنى كان الصلاح في سن الشباب له فضل خاص، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ) رواه البخاري (660)، ومسلم (1031).

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

" والثاني: الشاب الّذي نشأ في عبادة الله عز وجل.

فإن الشباب شعبة من الجنون، وهو داع للنفس إلى استيفاء الغرض من شهوات الدنيا ولذاتها المحظورة، فمن سلم منه فقد سلم... " انتهى. "فتح الباري" (6 / 46).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" قوله: ( وَشَابٌّ ) خصّ الشّابّ لكونه مظنّة غلبة الشّهوة لما فيه من قوّة الباعث على متابعة الهوى؛ فإنّ ملازمة العبادة مع ذلك أشدّ وأدلّ على غلبة التّقوى " انتهى. "فتح الباري" (2 / 145).

وقد جاء في الحديث، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللهَ لَيَعْجَبُ مِنَ الشَّابِّ ‌لَيْسَتْ ‌لَهُ ‌صَبْوَةٌ ) وراه أحمد في مسنده (17371)، وقال محققوه: "حسن لغيره".

والمراد بالصبوة هنا: الميل نحو النساء، والشغل بهن.

والله أعلم.

الحديث وعلومه
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب