هل يجوز الإحرام من البيت دون الميقات؟

03-05-2024

السؤال 507420

أنا مقيم في مدينة ما وسأذهب لأداء العمرة قريباً، . . فهل يجوز حسب المذهب المالكي تحديداً، أن أنوي الإحرام، وأحرم، ومن ثم أبدأ التلبية من بيتي في تلك المدينة، وليس عند الميقات، وشكراً

ملخص الجواب:

من أحرم من بيته، أي نوى النُسك ثم لبّى، فقد فعل مكروهًا، وصحّ إحرامه. والأفضل له أن يُحرم من الميقات، وله أن يغتسل في بيته، ويلبس ملابس الإحرام، لكن لا ينوي ولا يُلبي إلا عند الميقات، حتى لا يبدأ عمرته بمكروه.

الجواب

الحمد لله.

مذاهب العلماء في الإحرام قبل الميقات

يكره الإحرام قبل الميقات في مذهب مالك وأحمد والشافعي في قول.

قال: نعم.

قلت: فإن أحرم قبل الميقات، أكان يُلزمه مالك الإحرام؟

قال: نعم" انتهى.

وتردد المتأخرون من الشيوخ في رابغ، هل هو متقدم على الميقات، فيكره الإحرام منه؟ أو هو أول الميقات، فلا يكره، بل يكون هو المطلوب؟

ثم إن الإحرام يصح، وينعقد، في الصورتين المذكورتين، وإن كان مكروها، أعني فيما إذا أحرم بالحج قبل أشهره، وفيما إذا أحرم قبل الميقات المكاني، هذا معنى كلامه" انتهى.

ورأى سيدي الشيخ أبو عبد الله بن الحاج: أن إحرام المصريين من رابغ، من باب تقديم الإحرام قبل الميقات.

ومال شيخنا - رحمه الله تعالى - إلى أنه من أعمال الجحفة ومتصل بها، وكان ينقله عن الزواوي.

وفي بهرام: ذهب إلى الكراهة الشيخ أبو عبد الله ابن الحاج، نفعنا الله به، وذهب غيره إلى أنه لا يكره؛ لأنه أول الميقات، ومن أعمال الجُحفة، ومتصل بها" انتهى.

ولكن الأفضل: الإحرام من الميقات، ويكره قبله. روي نحو ذلك عن عمر، وعثمان. - رضي الله عنهما - وبه قال الحسن، وعطاء، ومالك، وإسحاق.

وقال أبو حنيفة: الأفضل الإحرام من بلده.

وعن الشافعي: كالمذهبين.

وكان علقمة، والأسود، وعبد الرحمن، وأبو إسحاق، يحرمون من بيوتهم.

ولنا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أحرموا من الميقات، ولا يفعلون إلا الأفضل. فإن قيل: إنما فعل هذا لتبيين الجواز.

قلنا: قد حصل بيان الجواز بقوله، كما في سائر المواقيت.

ثم؛ لو كان كذلك، لكان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه يحرمون من بيوتهم، ولما تواطئوا على ترك الأفضل، واختيار الأدنى، وهم أهل التقوى والفضل، وأفضل الخلق، ولهم من الحرص على الفضائل والدرجات ما لهم.

وقد روى أبو يعلى الموصلي، في (مسنده) ، عن أبي أيوب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يستمتع أحدكم بحله ما استطاع، فإنه لا يدري ما يعرض له في إحرامه .

وروى الحسن، أن عمران بن حصين أحرم من مِصْره، فبلغ ذلك عمر - رضي الله عنه - فغضب، وقال: يتسامع الناس أن رجلا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحرم من مصره؟!

وقال: إن عبد الله بن عامر أحرم من خراسان، فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع، وكرهه له. رواهما سعيد، والأثرم.

وقال البخاري: كره عثمانُ أن يُحرم من خراسان، أو كِرمان.

ولأنه أحرم قبل الميقات، فكُره، كالإحرام بالحج قبل أشهره.

ولأنه تغرير بالإحرام، وتعرُّضٌ لفعل محظوراته، وفيه مشقة على النفس، فكُره، كالوصال في الصوم.

قال عطاء: انظروا هذه المواقيت التي وُقِّتَتْ لكم، فخذوا برخصة الله فيها، فإنه عسى أن يصيب أحدكم ذنبا في إحرامه، فيكون أعظم لوزره، فإن الذنب في الإحرام أعظم من ذلك" انتهى.

حكم من أحرم من البيت

إن أحرمت من بيتك، أي نويت النُسك، ثم لبيت، فقد فعلت مكروها، وصح إحرامك. والأفضل أن تحرم من الميقات، ولك أن تغتسل في بيتك، وتلبس ملابس الإحرام، لكن لا تنوي ولا تلبي إلا عند الميقات، حتى لا تبدأ عُمرتك بمكروه.

ووجه آخر، وهو أن الغسل ليس من شرطه أن يكون متصلا بالإحرام في الحج، بل لو اغتسل في رابغ عند إرادتهم الرحيل، ثم سار إلى الجحفة وأحرم منها، لكان قد حصَّل السنة والمستحب.

فقال: إن غسله صحيح. أو كما قال.

وبين المدينة وذي الحليفة، مسافة أكثرُ من المسافة التي بين رابغ والجحفة.

فإن قال قائل: إن الجحفة لا يدخلها الركب؟

فالجواب: أنه، وإن لم يدخلها، فهو يمر بها؛ وليس من شرط الإحرام أن لا يحرم حتى يدخلها، بل إذا حاذاها أحرم.

وإذا كان كذلك، فيغتسلُ في رابغ، عند إرادة الناس الرحيل، ثم يسير معهم إلى أن يحاذي الجحفة، فإذا حاذاها نزل عن راحلته، وصلى ركعتي الإحرام، ثم تعرَّى من المَخِيط، ولبس ثياب الإحرام.

وإن شاء أن يلبس ثياب الإحرام من رابغ، ثم يترك الإحرام حتى يحاذي الجحفة فله ذلك" انتهى.

احرص على قراءة هذه الأجوبة لمزيد الفائدة: (36402، 214768، 40512، 148814، 240422، 113877).

والله أعلم.

الحج والعمرة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب