لي سوال عن هذا الحديث، ﻋﻦ ﺗﻤﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﻭﺱ ﺍﻟﺪﺍﺭﻱ، ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: (ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺛﻼﺛﺎ)، ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻤﻦ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ؟، ﻗﺎﻝ: (ﻟﻠﻪ ﻭﻟﻜﺘﺎﺑﻪ ﻭﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﻭﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻋﺎﻣﺘﻬﻢ) (ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ.) 1-ما معنى هذه الكلمة 'النصيحة'؟ 2-وما معن هذا الحديث؟ ما هي النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، والأئمة المسلمين وعامتهم؟
الحمد لله.
روى الإمام مسلم رحمه الله في "صحيحه" (55) عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:الدِّينُ النَّصِيحَةُقُلْنَا لِمَنْ؟، قال: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ".
- وأصل النصح في اللغة: الخلوص، ونَصَحَ الشيءُ: خَلَصَ. والناصحُ: الْخَالِصُ مِنَ الْعَسَلِ وَغَيْرِهِ. وَكُلُّ شيءٍ خَلَصَ، فَقَدْ نَصَحَ.
انظر: "لسان العرب" (2/ 615).
قال ابن الأثير رحمه الله في "النهاية" (5/ 63):
" النَّصِيحَةُ: كَلِمَةٌ يُعَبِّرُ بِهَا عَنْ جُمْلَةٍ، هِيَ إِرَادَةُ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ، وَلَيْسَ يُمكنُ أَنْ يُعَبَّر هَذَا الْمَعْنَى بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَجْمَع مَعْنَاهُ غَيْرَهَا" انتهى.
وقال أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
" النَّصِيحَةُ: كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ مَعْنَاهَا حِيَازَةُ الْحَظِّ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ، وَقِيلَ: النَّصِيحَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ نَصَحَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ إِذَا خَاطَهُ، فَشَبَّهُوا فِعْلَ النَّاصِحِ فِيمَا يَتَحَرَّاهُ مِنْ صَلَاحِ الْمَنْصُوحِ لَهُ، بِمَا يَسُدُّهُ مِنْ خَلَلِ الثَّوْبِ.
وَقِيلَ: إِنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ نَصَحْتَ الْعَسَلَ، إِذَا صَفَّيْتَهُ مِنَ الشَّمْعِ، شَبَّهُوا تَخْلِيصَ الْقَوْلِ مِنَ الْغِشِّ، بِتَخْلِيصِ الْعَسَلِ مِنَ الْخَلْطِ.
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: عماد الدين وقوامه النصحية، كَقَوْلِهِ: الْحَجُّ عَرَفَةُ أَيْ: عِمَادُهُ وَمُعْظَمُهُ عَرَفَةُ " انتهى من "شرح النووي على مسلم" (2/ 37).
"معنى النصيحة لله سبحانه: صحةُ الاعتقادِ في وحدانيته، وإخلاصُ النية في عبادته ". انتهى من"جامع العلوم والحكم" (1/ 229)
وقال النووي رحمه الله:
" أَمَّا النَّصِيحَةُ لِلَّهِ تَعَالَى: فَمَعْنَاهَا مُنْصَرِفٌ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ، وَنَفْيِ الشَّرِيكِ عَنْهُ، وَتَرْكِ الْإِلْحَادِ فِي صِفَاتِهِ، وَوَصْفِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ كُلِّهَا، وَتَنْزِيهِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ، وَالْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، وَالْحُبِّ فيه، والبغض فيه، وموالاة من أطاعه ومعاداة مَنْ عَصَاهُ، وَجِهَادِ مَنْ كَفَرَ بِهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِنِعْمَتِهِ وَشُكْرِهِ عَلَيْهَا، وَالْإِخْلَاصِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، وَالدُّعَاءِ إِلَى جَمِيعِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْحَثِّ عَلَيْهَا، وَالتَّلَطُّفِ فِي جَمعِ النَّاسِ أَوْ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ عَلَيْهَا " انتهى من "شرح النووي على مسلم" (2/ 38).
وقال ابن الجوزي رحمه الله:
" النصيحة لله عز وجل: المناضلة عن دينه والمدافعة عن الإشراك به، وإن كان غنيا عن ذلك، لكن نفعه عائد على العبد " انتهى من " كشف المشكل" (4/ 219).
قال النووي رحمه الله:
" وأما النصيحة لكتابه سبحانه وتعالى: فالإيمان بأنه كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَتَنْزِيلُهُ لَا يُشْبِههُ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الْخَلْقِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ، ثُمَّ تَعْظِيمُهُ وَتِلَاوَتُهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، وَتَحْسِينُهَا وَالْخُشُوعُ عِنْدَهَا، وَإِقَامَةُ حُرُوفِهِ فِي التِّلَاوَةِ، وَالذَّبُّ عَنْهُ لِتَأْوِيلِ الْمُحَرِّفِينَ وَتَعَرُّضِ الطَّاعِنِينَ، وَالتَّصْدِيقُ بِمَا فِيهِ، وَالْوُقُوفُ مَعَ أَحْكَامِهِ، وَتَفَهُّمُ عُلُومِهِ وَأَمْثَالِهِ، وَالِاعْتِبَارُ بِمَوَاعِظِهِ، وَالتَّفَكُّرُ فِي عَجَائِبِهِ، وَالْعَمَلُ بِمُحْكَمِهِ، وَالتَّسْلِيمُ لِمُتَشَابِهِهِ، وَالْبَحْثُ عَنْ عُمُومِهِ وَخُصُوصِهِ وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ، وَنَشْرُ عُلُومِهِ، وَالدُّعَاءُ إِلَيْهِ، والى ما ذكرناه مِنْ نَصِيحَتِهِ ". انتهى من "شرح النووي على مسلم" (2/ 38).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" النصيحة لكتابه تتضمن أموراً منها:
" والنصيحة لرسوله: قريب من ذلك؛ الإيمان به وبما جاء به، وتوقيرُه وتبجيلهُ، والتمسك بطاعته، وإحياءُ سنته، واستثارة علومها، ونشرُها، ومعاداةُ من عاداه وعاداها، وموالاةُ من والاه ووالاها، والتخلقُ بأخلاقه، والتأدبُ بآدابه، ومحبة آله وصحابته، ونحو ذلك ". انتهى من "جامع العلوم والحكم" (1/ 233).
وقال الشيخ ابن عثيمين:
" النصيحة لرسوله تكون بأمور منها:
" مُعَاوَنَتُهُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَطَاعَتُهُمْ فِيهِ وأمرهم به، وتنبيهم وَتَذْكِيرُهُمْ بِرِفْقٍ وَلُطْفٍ، وَإِعْلَامُهُمْ بِمَا غَفَلُوا عَنْهُ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَرْكُ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ، وَتَأَلُّفُ قُلُوبِ النَّاسِ لِطَاعَتِهِمْ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمِنَ النَّصِيحَةِ لَهُمُ: الصَّلَاةُ خَلْفَهُمْ، وَالْجِهَادُ مَعَهُمْ، وَأَدَاءُ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِمْ، وَتَرْكُ الْخُرُوجِ بِالسَّيْفِ عَلَيْهِمْ إِذَا ظَهَرَ مِنْهُمْ حَيْفٌ أَوْ سُوءُ عِشْرَةٍ، وَأَنْ لَا يُغَرُّوا بِالثَّنَاءِ الْكَاذِبِ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يُدْعَى لَهُمْ بِالصَّلَاحِ" انتهى من"شرح النووي على مسلم" (2/ 38).
وقال ابن رجب رحمه الله:
" النصيحة لأئمة المسلمين: معاونتُهم على الحق، وطاعتُهم فيه، وتذكيرهم به، وتنبيههم في رفق ولطف، ومجانبة الوثوب عليهم، والدعاء لهم بالتوفيق، وحث الأغيار على ذلك ". انتهى من "جامع العلوم والحكم" (1/ 233).
قال ابن رجب:
" وأما النصيحة للمسلمين: فأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، ويشفق عليهم، ويرحم صغيرهم، ويوقر كبيرهم، ويحزن لحزنهم، ويفرح لفرحهم، وإن ضره ذلك في دنياه، كرخص أسعارهم، وإن كان في ذلك فوات ربح ما يبيع في تجارته، وكذلك جميع ما يضرهم عامة، ويحب ما يصلحهم، وألفتهم ودوام النعم عليهم، ونصرهم على عدوهم، ودفع كل أذى ومكروه عنهم، وقال أبو عمرو بن الصلاح: النصيحة كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير، إرادة وفعلا". انتهى من "جامع العلوم والحكم" (ص 80).
اقرأ هذه الأجوبة للحصول على توضيح إضافي: (225160، 11403، 178639، 506415، 20343، 178639، 83581، 222346، 376005، 213345، 45532).
والله أعلم.