الحمد لله.
من حلف على يمين بلفظ يقتضي التكرار مثل: (كلما/ متى/ وفي كل مرة، ونحوها) فإن حكمه حكم الأيمان المتعددة.
والأيمان المتعددة، إذا كانت على أمر واحد، فحنث فيه ولو عدة مرات، ولم يكفر: فعليه كفارة واحدة، ولا تنحل يمينه بالتكفير، لاقتضاء اللفظ والنية بقاء حكم اليمين.
فعن مجاهد أن عبد الله بن عمر حلف على أمر ثلاث مرات، قَالَ مُجَاهِدٌ: فَقُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: فَكَمْ تُكَفِّرُهَا؟ قَالَ: كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. رواه عبد الرزاق في مصنفه (16060).
وعن هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَنَّ إِنْسَانًا اسْتَفْتَى عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أنه حلف ثلاثة أيمان على أمر واحد ، فقال: فَأُكَفِّرُ كَفَّارَةً وَاحِدَةً، أَوْ كَفَّارَاتٍ مُتَفَارِقَاتٍ؟ قَالَ: هِيَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ رواه عبد الرزاق في مصنفه (16063).
قال ابن قدامة رحمه الله:
"ومن كرر اليمين على شيء واحد، مثل إن قال: والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشا. فحنث، فليس عليه إلا كفارة واحدة. روى نحو هذا عن ابن عمر. وبه قال الحسن، وعروة، وإسحاق. وروى أيضا عن عطاء، وعكرمة، والنخعي، وحماد، والأوزاعي...، لأنه حِنْث واحد، أوجب جنسًا واحدا من الكفارات؛ فلم يجب به أكثر من كفارة، كما لو قصد التأكيد والتفهيم" انتهى من "المغني" (13/473).
وقال المرداوي رحمه الله:
"ومن كرر أيمانا قبل التكفير، فعليه كفارة واحدة. يعني، إذا كان موجَبُها واحدا. وهو المذهب. وعليه جماهير الأصحاب، منهم القاضي. وذكر أبو بكر، أن الإمام أحمد، رحمه الله، رجع عن غيره" انتهى من "الإنصاف" (27/533).
ثانياً:
إذا حلف الإنسان بلفظ يفيد التكرار، ثم كفر، ثم فعل الامر المحلوف عليه مرة أخرى فعليه كفارة أخرى، وذلك أن يمينه باقية ولم تنحل، بخلاف الأيمان المتكررة على أمر واحد، بلفظ لا يفيد التكرار: فإنها تنحل بكفارة واحدة. انظر الفتوى: (511537).
قال الرافعي رحمه الله:
«ولو قال [لامرأته]: "كلما خرجتِ، أو كل وقت خرجتِ، بغير إذني، فأنت طالق، فخرجت مرة بالإذن: لم ينحل اليمين" لأن هذه الصيغة تقتضي التكرار...
وفي [كتاب]: "الرقم"، للعبادي: إلحاق "متى" و"ما" و"مهما" بـ"كلما"؛ نصه في "الأم"» انتهى من "الشرح الكبير للرافعي" (12/ 326).
وقال القرافي رحمه الله: " وَإِذا أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ، تَكَرَّرَتِ الْكَفَّارَةُ؛ نَحْوَ: كُلَّمَا ، أَوْ مَتَى ، وَإِلَّا فَلَا تَتَكَرَّرُ، إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِ الْحَالِفِ". انتهى من "الذخيرة" (4/17).
والله أعلم.