الحمد لله.
أولا :
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعد الانتهاء من التشهد بالاستعاذة بالله من أربع .
روى مسلم (588) أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر، فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال.
وهو ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله؛ فكان صلى الله عليه وسلم يدعو في الصلاة فيقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال رواه البخاري (832)، ومسلم (589).
ثانيا :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مقدمة خطبة الجمعة : وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم رواه مسلم (2042) .
فلا يظنن أحد أنه سيأتي بأهدى مما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد قال الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم : وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا النور/54.
فالهداية هي في طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه ، والضلال في معصيته ومخالفته .
ثالثا :
الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي للمسلم أن يقولها بلفظها الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بلا تغيير ، ولا زيادة ، ولا نقصان .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم هو أحرص الناس على الخير ، وأعلمهم بالألفاظ ودلالتها ، وما الذي ينبغي أن يدعو الله به .
فلا أحد أحرص من النبي صلى الله عليه وسلم على الخير ، ولا أعلم منه ، ولا أشفق على أهله منه .
وقد علمت ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم ، وما أمرنا به : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ... .
ولم يقل : أنا وأهلي .
وليس من الأدب في مثل هذا المقام: أن يتقدم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أن يخالف الثابت عنه من سنته في مثل هذا.
على أن هذا الدعاء أيضا: غير صحيح، وغير صادق؛ فالمتعوذ إذا تعوذ في صلاته، لم يكن هذا تعوذا من أهله، بل هو فقط الذي تعوذ، وأهله: لم يتعوذوا. فصار هذا الدعاء، بتغييره: قولا كاذبا، لا حقيقة له.
رابعا :
بناء على كل ما سبق ، فالذي ننصحك به هو ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وفعله ، فلا تغير لفظ الدعاء النبوي.
ثم ... إذا انتهيت منه ، فادع لنفسك وأهلك وللمسلمين بما شئت ، فإنه يرجى إجابة الدعاء بعد التشهد في الصلاة .
فإن أراد لأهله: فليعوذهم بالله من الشيطان الرجيم، في دعائه، في سجوده، وبعد تشهده، وخارج صلاته: يعوذ أهله من الشيطان الرجيم: أعيذ أولادي – أهلي – وذريتي، بك من الشيطان الرجيم. ونحو ذلك.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن علَّم أصحابه التشهد الأخير: ثم يتخيَّر من الدعاء أعجبه إليه؛ فيدعو رواه البخاري (835).
وفي رواية عند مسلم (402) قال صلى الله عليه وسلم: (ثم يتخيَّر من المسألة ما شاء).
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (4/ 117): "فيه: استحباب الدعاء في آخر الصلاة قبل السلام، وفيه: أنه يجوز الدعاء بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، ما لم يكن إثمًا"، انتهى.
والله أعلم.