قبل الإفطار بدقيقة كنت غاضبة من الأولاد وزوجي، وقلت: والله ما أفطر، وبالفعل وضعت لهم الإفطار، وما أكلت حتى مرت ساعتان على الإفطار، فهل إذا أكلت بعد ذلك لوحدي، وفيت بيميني، أو عليّ كفارة لأنّ اسمه إفطار؟
الحمد لله.
أولا:
المرجع في الأيمان أولاً لنية الشخص الذي حلف، فإذا كانت نيتكِ عند الحلف أنك لا تفطرين معهم في تلك اللحظة بعد الأذان، لما سببوه لك من إزعاج: فإن حكم يمينك يقتصر على تلك اللحظة. ولا ينسحب حكم الحلف على إفطارك بعد ذلك؛ لأنّ نيتك لم تكن أنك لن تفطري أبداً، وإنما كانت أنك لن تفطري معهم.
فعلى ذلك الاحتمال، يكون إفطارك بعد ذلك وحدك ليس فيه كفارة، لأنك لم تنوي هذه الحال بيمينك.
وإن كانت نيتك أنك لا تفطرين مطلقا، تلك الليلة، ثم أكلتِ بعد ذلك في تلك الليلة: فإن عليك كفارة يمين.
قال ابن قدامة رحمه الله:
"ومبنى الأيمان على النية، فمتى نوى بيمينه ما يحتمله، تعلقت يمينه بما نواه، دون ما لفظ به، سواء نوى ظاهر اللفظ، أو مجازه، مثل أن ينوي موضوع اللفظ، أو الخاص بالعام، أو العام بالخاص، أو غير ذلك؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: وإنما لكل امرئ ما نوى فتدخل فيه الأيمان.
ولأن كلام الشارع يصرف إلى ما دل الدليل على أنه أراده، دون ظاهر اللفظ؛ فكلام المتكلم، مع اطلاعه على تعين إرادته: أولى" انتهى من "الكافي في فقه الإمام أحمد" (4/ 196).
وينظر: "المبدع" (10/102)، "كشاف القناع" (14/417).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" واتفقوا على أنه يرجع في اليمين إلى نية الحالف ، إذا احتملها لفظه " .
انتهى من "مجموع الفتاوى(32/86) ".
ثانيا:
إذا لم تكن لك نية بحلفك هذا، أو لم تذكري نيتك عند الحلف؛ فإنه يرجع في حكم يمينك إلى السبب الذي حمله على هذه اليمين، أو القرينة التي تعين مراده منه.
فاليمين تنعقد بناء على نية الحالف أولاً، ثم السبب الذي هيّج اليمين، فإن لم يوجد أحدهما رجعنا إلى معنى لفظ اليمين الشرعي أو اللغوي أو العرفي. "الشرح الممتع"(15/181).
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" والأصل في هذا الباب – أي باب اليمين- : مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية نظر إلى بساط قصته [أي : سبب اليمين] ، وما أثاره على الحلف ، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته " انتهى من "الكافي" (1/452).
وينظر جواب السؤال رقم: (288193)، ورقم: (138062)، ورقم: (288193).
والحاصل:
أنه إذا كانت نيتك ألا تفطري معهم، أو لا تفطري في هذا الوقت: فلا حنث عليك إذا أفطرت بعد ذلك.
وإن كانت نيتك ألا تفطري مطلقاً، حنثت بالأكل بعد ذلك بساعتين، لأن هذا "إفطار"، كما قلت.
وينظر في كفارة اليمين: جواب السؤال رقم: (45676).
والله أعلم.