فضائل مكة والمدينة

03-10-2015

السؤال 235370

هل العيش في مدينة رسول الله خير، أم العيش في مكة المكرمة؟ وما هي الاختلافات التي تتفاضل بها إحدى المدينتين عن الأخرى، باستثناء فضل الصلاة في حرميهما؟

ملخص الجواب:

فضائل مكة:

فضائل المدينة:

الجواب

الحمد لله.

ما هي أفضل بقاع الأرض؟

أفضل بقاع الأرض، من حيث هي في نفسها: مكة، ثم المدينة. وأما بالنسبة للأشخاص، فالأفضل لكل إنسان أن يقيم في البلد التي يزداد فيها إيمانه، ويكون فيها أكثر طاعة لله تعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” أَفْضَلُ الْأَرْضِ فِي حَقِّ كُلِّ إنْسَانٍ: أَرْضٌ يَكُونُ فِيهَا أَطْوَعَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ، وَلَا تَتَعَيَّنُ أَرْضٌ يَكُونُ مُقَامُ الْإِنْسَانِ فِيهَا أَفْضَلَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ كُلِّ إنْسَانٍ بِحَسَبِ التَّقْوَى وَالطَّاعَةِ وَالْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَالْحُضُورِ، وَقَدْ كَتَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إلَى سَلْمَانَ: ” هَلُمَّ إلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ ”؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ سَلْمَانُ: ” إنّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا، وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الْعَبْدَ عَمَلُهُ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (18/ 283).

فضائل مكة

تتميز مكة بعدة فضائل عن المدينة وغيرها، نذكر منها:

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
” لمدينة محرمة، ولها حرم، لكن حرمها دون حرم مكة بكثير، حرم مكة لا يمكن يأتيه أحد من المسلمين، لم يأته أول مرة، إلا محرما يجب عليه أن يحرم، والمدينة ليست كذلك.

حرم مكة يحرم حشيشه وشجره مطلقا، وأما حرم المدينة فرخص في بعض شجره للحرث ونحوه.
صيد مكة حرام وفيه الجزاء، وصيد المدينة ليس فيه جزاء.
المهم أن أعظم مكان آمن هو مكة ، حتى الأشجار آمنة فيه ، وحتى الصيود آمنة فيه ” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (103 /2) بترقيم الشاملة.

فضائل المدينة

أما المدينة:

وروى البخاري (3778)، ومسلم (1059) عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: ” قَالَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَأَعْطَى قُرَيْشًا: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ العَجَبُ، إِنَّ سُيُوفَنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَاءِ قُرَيْشٍ، وَغَنَائِمُنَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا الأَنْصَارَ، قَالَ: فَقَالَ: مَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟، وَكَانُوا لاَ يَكْذِبُونَ، فَقَالُوا: هُوَ الَّذِي بَلَغَكَ، قَالَ: أَوَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالْغَنَائِمِ إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بُيُوتِكُمْ؟ لَوْ سَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ ”.

وروى البخاري (1871)، ومسلم (1382) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى، يَقُولُونَ يَثْرِبُ، وَهِيَ المَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ.

قال النووي رحمه الله:
” ذَكَرُوا فِي مَعْنَى أَكْلُهَا الْقُرَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَرْكَزُ جُيُوشِ الْإِسْلَامِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَمِنْهَا فُتِحَتِ الْقُرَى، وَغُنِمَتْ أَمْوَالُهَا وَسَبَايَاهَا، وَالثَّانِي مَعْنَاهُ: أَنَّ أَكْلَهَا وَمِيرَتَهَا تَكُونُ مِنَ الْقُرَى الْمُفْتَتِحَةِ، وَإِلَيْهَا تُسَاقُ غَنَائِمُهَا ” انتهى من ” شرح النووي على مسلم” (9/ 154).

وروى البخاري (1876)، ومسلم (147) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى المَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا.
يأرز: أَيْ: يَأْوِي وَيَنْضَمُّ وَيَنْقَبِضُ وَيَلْتَجِئُ إِلَيْهَا كما تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا. "مرقاة المفاتيح" (1/ 243).

قال النووي:
يَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعْنَاهُ: أَنَّ الْإِيمَانَ أَوَّلًا وَآخِرًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ، لِأَنَّهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَانَ كُلُّ مَنْ خَلَصَ إِيمَانُهُ وَصَحَّ إِسْلَامُهُ أَتَى الْمَدِينَةَ، إِمَّا مُهَاجِرًا مُسْتَوْطِنًا وَإِمَّا مُتَشَوِّقًا إِلَى رُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُتَعَلِّمًا مِنْهُ وَمُتَقَرِّبًا، ثُمَّ بَعْدَهُ هَكَذَا فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ كَذَلِكَ، وَلِأَخْذِ سِيرَةِ الْعَدْلِ مِنْهُمْ وَالِاقْتِدَاءِ بِجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيهَا، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ كَانُوا سُرُجَ الْوَقْتِ وَأَئِمَّةَ الْهُدَى لِأَخْذِ السُّنَنِ الْمُنْتَشِرَةِ بِهَا عَنْهُمْ، فَكَانَ كُلُّ ثَابِتِ الْإِيمَانِ مُنْشَرِحِ الصَّدْرِ بِهِ يَرْحَلُ إِلَيْهَا ” انتهى من “شرح النووي على مسلم” (2/ 177).

فمن أنعم الله عليه بالعيش بمكة فهنيئا له، ومن أنعم الله عليه بالعيش بالمدينة فهنيئا له، ومن أنعم الله عليه بالتقوى – في أي بقعة من أرض الله كان – فهنيئا له.

والله أعلم.

أحكام الحرمين فضائل الأعمال
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب